تاريخ السادة الأشراف ال سويدان الحسينيين
الفلم الوثائقى التعريفي بالسادة الأشراف آل سويدان الحسينيين
الأشراف آل سويدان الحسينيين
لا يخفى أنَّ نسلَ الحُسينَ بنِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ -رضي الله عنهما- استمرَّ من ولده الإمامِ عليٍّ زينِ العابدين -رحمه الله-، وتفرعَ كافةُ الحُسينيين منْ تلكَ الشجرةِ الزكيةِ الهاشميةِ من شتى الفروعِ الكبرى فالوسطى؛ وصولاً إلى الأسرِ الحسينيةِ المعروفةِ اليوم على اختلاف بلدانها.
ومن العشائرِ الحسينيةِ التي تلتقي مع قبيلة البقارة الأشراف بالجد الشريفِ أبي عابدٍ محمدٍ الهادي الحسيني -رحمه الله- المدفونِ في دير الزور عامَ 486هـ من ذريةِ محمدٍ سبعِ الدُّجَيْل بنِ الإمامِ عليٍ الهادي بنِ الإمامِ محمدٍ الجوادِ بنِ الإمامِ عليٍ الرِّضَا: أبناءُ السيدِ الشريفِ أحمدُ سويدانَ المكْنَاسيِّ الحسيني -رحمه الله- العائدِ من مكناسِ المغرب إلى حلب الشام عامَ 885هـ بطلبِ السلطانِ العثمانيِّ محمدٍ الفاتح حينها بعدَ هجرةِ والدِ والدهِ محمدٍ الحسيني -رحمه الله- منها، وقد تفرعَ منهُ سبعُ أسر: آلُ سويدان آغا، وآل حسين آغا، وآل عيسى آغا، والمحجُوب، والمكنَاسي، والمَكَانسي، وفخذُ النجَاجْرَة.
ومما قيلَ فيهمْ شعراً في بعضِ وثائقِهم القديمة، وهي تَحْشِيةٌ من الشريف محمد عيسى السعدي الحسني -رحمه الله- على نسب العشيرة:
نسبٌ له في المكرُمَاتِ أصولُ *** لم يَعْلُه فضلٌ ولا تفضيلُ
يقفُ الملوكُ مبجِّلين ببابه *** فله بأعناقِ الملوكِ جميلُ
ومناقبُ الأخيارِ كنزُ محامدٍ *** إنَّ الحديثَ ببعضهنَّ يطولُ
ذريةٌ من بعضها بعضٌ غدتْ *** يُتلى بفضلِ أصولها التنزيلُ
أهلُ الفضائلِ والفعالِ وبِرُّهمْ *** من غيرِ منٍّ أو أذىً مبذولُ
ويسابقونَ إلى المكارمِ قولَهم *** لا يُرتضى من فعلهمْ تأجيلُ
من سندسِ التَّقوى نسيجُ لباسِهِم *** ويُجرُّ منهُ للعفافِ ذيولُ
بالسيِّدِ المكْنَاسيْ أحمدَ شُرِّفتْ *** حَلَبٌ فزادَ لربِّها التبجيلُ
ببني سُوَيْدانٍ حسينياً زَكَا *** ويحيطُ نبلَ أُصولِهِ التَّأثيلُ
وَعمودُ نُورٍ بالحسينِ وآلهِ *** يَرقَى إلى أُفْقِ العُلا فيطولُ
مَا زَال فيضُ النُّورِ سرّاً جارياً *** وإليهِ منْ فضلِ الإلهِ يؤولُ
إنِّي لأرفعُ هَامَتي بمَدِيحهمْ *** ليتَ المديحَ ببابهمْ مقبولُ!
أمّا أسرةُ آلِ سويدانَ الحسينيِّ فكانت قاعدتُهم في حلبٍ وحمصٍ، ونزحت فروعٌ منهم إلى فلسطينَ، ومصرَ، ونجد.
وقد تولّى جدُّهمُ الشريفُ محمدُ بِكْ سويدان الحسيني إمارةَ حمصٍ عامَ 922هـ في عهد السلطان العثماني سَلِيمٍ الأول الذي عهدَ إليهِ بمهمةِ المحافظةِ على الطرقِ التي تمرُّ بحمصٍ من قطاعِ الطُرُق، وأقطَعَهُ قريةَ حِسْيَةَ من أعمالِ حِمْصٍ التي أصبحتْ عاصمةَ الأشرافِ آلِ سويدانَ آغا الحسينيِّ ومقاطعَتَهم، وأجرى سلاطينُ بني عثمانَ على هذه الأسرةِ لقبَ الأغا الذي يطلق على السيد وأمير الجماعة وكل ذي نفوذ، وجعلوه وراثياً في سلالتِهم إلى يومِنا هذا.
واستمرَّ حكمُ حمصَ فيهم قروناً من الزمن، وممن تسلَّمها: جدُّهمُ الشريفُ إبراهيمُ آغا سويدانَ الحسيني، كَان من كبارِ أعيانِ حمص، وتسلّمَ إمارةَ حمصٍ بين عامَ 1100 هـ وعامَ 1120هـ، وقد صاهرَ مفتي حمصٍ السيدَ الشريفِ محمدَ بن أحمد الأتَاسي، وأوْلَدها ابنَه الشريفَ سُليمانَ آغَا سويدانَ الحُسينيِّ الذي تولى إمارة حمصٍ من بعدِه عامَ 1130هـ، وقد ذكرَ السيدُ محمدُ مكيٍّ الخَانِقَاه في مذكراتِه "حوادثُ حمصٍ اليومية" جملةً من أخبارِهِما وأنهما كانا أهلاً للقيامِ بالحكمِ ونصرةِ الحق.
ومن أعلامِ هذه العشيرة: الشريفُ مسعودُ آغَا بنِ محمدَ آغا سويدانَ الحسيني، المتوفَّى عامُ 1251هـ، حاكمُ حمصٍ والموصوفُ بسعةِ النفوذِ والصلاحِ والتقوى، وحكتِ التواريخُ أن إبراهيمَ باشا المصري كان يخشى جَنَابَه، وله شعرٌ في الزُّهدِ والتَّعَبُّد.
ومن أعلامِ هذه العشيرة: الشريفُ حُسينُ آغا بنِ عبدِالله آغا المكناسيِّ الحسيني، المتوفى في بداياتِ القرنِ الرابعِ عشر، وقد واصلَ تعليمَهُ العَالي في دارِ الخلافةِ العثمانيةِ لقربِ والدِهِ منها، وكانَ معتمداً من قِبَلِ السلاطينِ محمودٍ وعبدِالمجيدِ وعبدِالعزيزِ، واشتُهِرَ ولدُه كذلكَ الشريفُ محمدُ أَنِيسٍ المكنَاسِيِّ الحسيني الذي كانَ المهندسَ الرئيسَ في مدينةِ حمصٍ في خلافةِ السلطانِ عبدِالعزيز نحوِ 1286هـ.
ومن أعلام هذه العشيرة: الشريفُ محمدُ آغا بنِ مسعودٍ آغا سويدان الحسيني، المتوفى عامُ 1290هـ، حاكمُ حِسْيَة، توسَعَ نفوذُ الأسرةِ في زمانِهِ حتى حدودَ دمشقَ ولبنان، وكان ذا سلطانٍ واسع، وله الفضلُ الأكبرُ في الحدِّ من انتشارِ الفتنِ في وقته.
ومن أعلامِ هذه العشيرة: الشريفُ عبدُالمجيدِ آغا سويدانَ الحسيني، زعيمُ حِسْيَةَ وحَاكِمَها والملقبُ بـ"سلطانِ البَرّ"، كانَ ذا ثَروةٍ كبيرةٍ من أمْلَاكِهِ قَريةِ البريج التابعةِ لقضاءِ حِسْيَة، وهوَ من الوَطَنِيين الذين خططُوا لثوراتِ حمصٍ وحماةَ على الفرنسيين.
ومن أعلام هذه العشيرة: الشريفُ محمدُ آغا بنِ ناصرَ آغا المكنَاسِيِّ الحسيني، المتوفى عامَ 1308هـ، الصدرُ الكبيرُ، أحدُ رجالِ الدولةِ والقادةِ في حَلَب.
ومن أعلام هذه العشيرة: الشريفُ محمدُ سَعِيد حُسَينَ آغا الحسيني، العالمُ الفَرَضِيُّ نَسَّابةُ حمصٍ، المتوفى عامَ 1378هـ، وكذلك حفيدهُ الشريفُ محمدُ غازي حسينَ آغا الحسيني، المولودُ عامَ 1373هـ، مؤرخُ حمصٍ ونَسَّابتُها، وله تصانيفُ كثيرةٌ منها "إثباتُ العَقِبِ في السيدِ الجليلِ الأمجدِ أبي جعفرٍ بنِ الإمام علي الهادي" الذي تناولَ عَشيرةَ الشريفِ أحمدَ سويدانَ المكناسيِّ بكثيرٍ من التفاصيل.
ومن المصادرِ التاريخيةِ الشهيرةِ التي ترجمتْ لهم أو ذكرتْ جزءاً من عمودِ نَسَبِهم:
-
موسوعةُ أنسابِ آلِ البيتِ النبويِّ للشريفِ فتحي بنِ سلطان الرفاعي.
-
من شجرِ الأنسابِ للشريفِ عبدِاللطيف الشيخِ علي المحاميد الرفاعي.
-
إعلامُ النبلاءِ في تاريخِ حلبِ الشهباء للعلامة محمد راغبٍ الطَبَّاخ.
-
عمدةُ الطالبِ في أنسابِ آل أبي طالب لابن عَنَبَة.
-
تحفةُ الأزهارِ وزُلَالُ الأنهار للسيد ضامن بن شَدْقَمٍ الحسيني.
-
زهرةُ المقُولِ في نسبِ ثاني فَرْعَيْ الرسول للسيد علي بنِ الحسن الشَّدْقَمِيِّ.
-
المُشَجَّرُ الكشافُ في تحقيقِ أصولِ السادةِ الأشرافِ للسيدِ ابنِ عميدِ الدينِ الحسيني.
-
الفَخْرِي في أنسابِ الطَّالبيّين للمَرْوَزِيّ.
-
المَجْدِي في أنسابِ الطَّالبيّين للعَلَوَيّ.
أما الفرعُ النجديُّ فينحدرونَ من العلامةِ الشريفِ سَليمٍ بنِ حَسَنٍ آغَا بنِ سُلَيمانَ آغا سويدانَ الحُسَيني أمير حمصٍ الذي تقدَّمَ ذِكْرُه؛ خَرجَ الشريفُ سَليمُ السويدانَ في نحوِ 1130هـ من حمصٍ إلى بيتِ المقدسِ هو وبعضُ إخوتِه، ثم نَزَحَ إلى نجدٍ في بواكيرِ الدولةِ السعوديةِ الأولى -أدامَ اللهُ عزَّها- واستقرَّ ببلدةِ التُّوَيْمِ في إقليمِ سُدَيْر وتوفي فيها عامَ 1205هـ.
وكانَ شافعيَّ المذهب، وموصوفاً بالقوةِ والديانةِ والعلم، ولهُ رِوَاياتٌ وإجازاتٌ علميةٍ عن جماعةٍ من علماءِ عصرِه في العراقِ والحجاز، وتُروَى بعضُ الأخبارِ عن كَرَمِه وشجاعتِه وأَنَفَتِه، وأمّا بقايا بيتِه فلا تَزالُ أنقاضُها بما يعرفُهُ أهلُ التُّوَيْم باسمِ: "اِمْدَيْنَةْ سِلِيم" تصغيراً للمدينة، وكانَ ذا هيبةٍ، ويَطلقُ عليهِ بعضُهم لقبَ (آغَا) كعشيرتِهِ في الشّامِ التي يختصونَ بها الأشرافَ أو أصحابَ السُلْطَة.
وقدْ وردَ ذِكْرُه تحديداً في عددٍ من المصادرِ التي اهتمَّتْ بتدوينِ الأشرافِ وأنسابِهم في القرنِ الثاني عشر والثالثِ عشر أمثال:
-
الحُشَيْبَريُّ في كتاب الأمِّ في الأنسابِ المجموعة، قَالَ ما نصُّه: "ومنهمْ بنُو سُويدانَ في نجْدٍ، وهم من عَقِبِ الشيخِ العلّامةِ -المهاجرِ منَ القدسِ إلى نجْدٍ وعَقِبُهُ هناكَ مشْهُورين- سَلِيمٍ الملقَّبِ سُويدَانَ بنِ حسَنٍ بنِ سُلَيمانَ بنِ إِبرَاهِيمَ بنِ محمدٍ بنِ عبدِاللّهِ بنِ محمدٍ بنِ أحمدَ سُويدَانَ بنِ محمدٍ بنِ محمدٍ بنِ محمدٍ، ويتّصلُ نسبُهم إلى عليٍّ الهاديِّ بنِ محمدٍ الجوادَ بنِ عليٍّ الرِّضَا بنِ موسى الكَاظِم، ومنْهُم في حمصٍ من أرضِ الشَّام، شُهِرَ منهمْ جَدُّهُ سُلَيمانَ بنُ إِبرَاهيمَ وكانَ أميراً على حِمْص".
-
النَّاشِرِيُّ في مشجَّرةٍ خاصَّةٍ بالرَّضَوِيَّة بخطِّهِ وإمْضَائِه، قَالَ ما نَصُّه بعد أنْ سَاقَ عَمُودَه كاملاً إلى مُنْتَهَاه: "الشيخُ العلّامةُ سَلِيمُ بنُ الحَسَن، خَرَج منْ بيتِ المقدسِ وسكنَ بنجْدٍ في بلدةِ التُّوَيْم، وتُوفي سنةَ خمسٍ بَعدَ المِئَتَيْن وأَلْفٍ، وعَقِبُه يقالُ لهمْ: «بنُو سُوَيْدان» مشهورينَ بالشَّرَف، وفيهُمُ العُلَمَاءُ والأَوْلَيَاء".
-
النَّاشِريُّ في ذَيْلِ المشَجَّر الكبير.
-
الأبهرُ الحَسَنِيُّ في كتابه وَبْلُ الغمامةِ في ذكرِ ساداتِ نجدٍ وتِهَامة.
-
البُكَارِيُّ في كتابه المشجَّرةُ الحاويةُ لأشرافِ نجْدٍ وخليجِ فَارِس.
وجاءَ ذكرُ ولدهِ: الشريفَ سَلَامةَ بنِ سَلِيمٍ السُّويْدَان في حاشيةِ الأَهْدَلِ على تاريخِ المَسْعُودِيّ، وحَاشِيَةِ العَلَّامةِ الحُسَيني على تَاريخِ خَرْجِين.
وجاء ذكرُ ولديه: الشريفَ سَلَامةَ والشريفَ عَلِيَّاً -وهُمَا أجدادُ أسرةِ الأشرافِ السُّويدَان في سُدَيرٍ والزُّبَير- في حاشيةِ العَلَّامةِ النَّعْمِي على تاريخِ ابنِ عَنَبَة، وقَالَ ما نَصُّه: "وعَقِبُه يغلبُ الصَّلاحُ عَلَيْهم، شُهر مِنْهُم: عَليُّ، وسَلَامَة، ولهُمَا عَقِبٌ مشهورينَ بالعلمِ والصلاحِ باركَ اللهُ فيهم".
وَتُوجَدُ تَفَاصِيلُ أُخْرَى سَيَتِمُّ تَضْمِينُهَا فِي إِصْدَارٍ مَطْبُوعٍ عَنْ تَارِيخِ الأُسْرَةِ يَسَّرَ اللهُ تَمَامَه.
وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين،،